منتديات عراقي انا
اهلا بزائرنا الكريم و العراقي الكريم انت غير مسجل لدينا
الرجاء التسجيل بالمنتدى لاضافة المواضيع و التمتع باكبر و اول شبكة عراقية
منتديات عراقي انا
اهلا بزائرنا الكريم و العراقي الكريم انت غير مسجل لدينا
الرجاء التسجيل بالمنتدى لاضافة المواضيع و التمتع باكبر و اول شبكة عراقية

منتديات عراقي انا

<اهلا وسهلا بك في منتديات عراقي انا منتديات كل الموصل>
 
الرئيسيةشبكة عراقي اناأحدث الصورالتسجيلدخول

المجلس الأول

موعظة في بلوغ شهر رمضان

 

قال معلى بن الفضل : كانوا (السلف) يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يُبلغهم رمضان, ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم. وقال يحيى بن أبي كثير : كان من دعائهم : اللهم سلمني إلى رمضان, وسلم لي رمضان, وتسلمه مني متقبلاً.

بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه, ويدل عليه حديث الثلاثة الذين استشهد اثنان منهم, ثم مات الثالث على فراشه بعدهما, فرؤي في المنام سابقاً لهما, فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"أليس قد مكث هذا بعده سنة فأدرك رمضان فصامه وصلى كذا وكذا سجدة في السنة ؟ فلما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض" رواه البيهقي وصححه الألباني في صحيح الجامع 1/281 رقم (1316).

من رُحم في شهر رمضان فهو المرحوم, ومن حُرم خيره فهو المحروم, ومن لم يتزود فيه لمعاده فهو ملوم.

أتى رمضان مزرعة العباد          لتطهير القلوب من الفساد

فأد حقوقه قولا وفعـــلا             وزادك فاتخذه للمعــاد

فمن زرع الحبوب وما سقاها       تأوه نادما يوم الحصـاد

 

يا من طالت غيبته عنا, قد قربت أيام المصالحة, يا من دامت خسارته قد أقبلت أيام التجارة الرابحة, من لم يربح في هذا الشهر ففي أي وقت يربح ؟ من لم يقرب فيه من مولاة فهو على بعده لا يبرح.

أناس أعرضوا عنـا           بلا جرم ولا معنى

أساءوا ظنهم فينـا           فهلا أحسنوا الظنا

فإن عادوا لنا عدنـا       وأن خانوا فما خنا

فإن كانوا قد استغنوا        فإنـا عنهم أغنـا

 

كما ينادي : حي على الفلاح وأنت خاسر ؟

كم تُدعى إلى الصلاح وأنت على الفساد مثابر ؟!

إذا رمضان أتى مقبلاً       فأقبل فبالخير يستقبل

لعلك تخطئه قابـلاً          وتأتي بعذر فلا يقبل

كم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله, فصار قبله إلى ظلمة القبر. كم من مستقبل يوماً لا يستكمله, ومؤمل غدا لا يدركه. إنكم لو أبصرتم الأجل ومسيره, لأبغضتم الأمل وغروره.

خطب عمر بن عبد العزيز آخر خطبة خطبها, فقال فيها : إنكم لم تخلقوا عبثا, ولن تتركوا سدى, وإن لكم معاداً ينزل الله فيه للفصل بين عباده, فقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء وحُرم جنة عرضها السماوات والأرض.

ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين, وسيرثها بعدكم الباقون ؟ كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين. وفي كل يوم تشيعون غادياً ورائحاً إلى الله قد قضى نحبه, وانقضى أجله, فتودعونه وتدعونه في صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد, قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب, وواجه الحساب, غنياً عما خلف, فقيراً إلى ما أسلف, فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته, وإني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما أعلم عندي, ولكني أستغفر الله وأتوب إليه. ثم رفع طرف ردائه وبكى حتى شهق, ثم نزل فما عاد إلى المنبر بعدها حتى مات رحمة الله عليه :

يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب      حتى عصى الله في شهر شعبان

لقد أظلك شهر الصوم بعدهمــا    فلا تصيره أيضاً شهر عصيان

واتل القرآن وسبح فيه مجتهــدا             فإنه شهر تسبيح وقــــرآن

واحمل على جسد ترجو النجاة له         فسوف تضرم أجساد بنيــران

كم كنت تعرف ممن صام في سلف      من بين أهل وجيران وإخـوان

أفناهم الموت واستبقاك بعدهم حياً              فما أقرب القاصي من الدانـي

ومعجب بثياب العيد يقطعهـا             فأصبحت في غد أثواب أكفان

حتى متى يُعمر الإنسان مسكنه           مصير مسكنه قبر لإنســان

(بتصرف من كتاب لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي ص 281-282)