إرتعشت أصابعه وهو يبحث عن علبته التي سرعان ما وجدها في جيبه
أخرج منها سيجارته ، أطبق عليها شفتيه
يحتاج إلى قبس من نار ليوقدها به أتت من قداحته
حين اشتعلت تنفس الصعداء ، فهو يجد في أنفاسه الملاذ للخروج من ذاك الضيق
الذي يطبق على صدره، أخذ نفساً عميقاً ، لعله يطفئ نيران تضطرب في داخله منذ الأمس
فقد هجرته حبيبه
تومض السيجارة بنور ، نور ذهبي متلألأ ويظل يسحب منها نفساً
وينفث آخر
ينفث دخاناً قاتماً ساخناً فالنار في صدره لا زالت تستعر
يظن أن أنفاسه تجديه شيئاً ، فلربما تخفف عنه وطأة الحريق
وفي داخل عيناه تحجرت الدموع لا تستطيع الأنسكاب فرجولته تمنعها
ولو انسكبت لربما استطاع شلالها أن يطفئ بعض من نيران قلبه
تتحول سيجارته شيئاً فشيئاً إلى رماد كما هو قلبه
يرميها دون اكثراث في ركن ما
في حين يهدأ قلبه لثوان بعد أن تحول إلى كتلة من ركام
لكن ليس إلى وقت طويل . ها هو يعود ليأخذ سيجارة أخرى
ولتومض مرة أخرى فيتكرر ما كان
الأيام لم تعد ذات جدوى ، كان ينتظر إشراقة الصباح ليرى معه إشراقتها
لم يعد الصباح يعني له إلا البرودة والملل بعد ضياعها
يعرف أنه يجب أن يضيع ذكراها كما ضيعته هي
يعرف أنها أصبحت مجرد ذكرة
لكنها ذكرة تستحوذ على عقله وكيانه وتشل جميع أركانه
شلت حتى البسمة من شفتيه عبثاً يحاول أن ينتزعها إنتزاعاً
حتى عندما يفرضها على نفسه تخرج باهتة كاذبة
أما الكلام فلم يعد له معنى كما الأيام
الأيام التي يصارعها لكي يبقى صامداً ،فيصرعها حيناً وتصرعه حيناً آخر
لكل شئ طعم المرارة بعدها ،فيتمنى أن تعدو الأيام مهرولة عنه
فيجد نفسه قد نساها
ليجد أنها أصبحت أثراً بعد عين
ينسى أن الأيام تضيع من عمره هباء ، حتماً ضاع نصف عمره بضياعها
فقلبه لم يخفق لغيرها رغم كل من مررن به
لما هي بالذات لا يعلم..!! يعلم فقط إنها هي من خفق لها قلبه
ويعلم أنه لن ينساها كما ينسى كل من يمررن به يومياً
فحين التقاها كان قلبه مع موعد مع قلبها ، وكاسيراً وعبداً لجمال عينيها
ونبض قلبها وهمس شفتيها ،وصريع لهواها
وإن عاش بعيدا عنها فأن الروح أسيرة لديها
آه .. يا لعذاب الروح إذ بينه وبينها تأتي وتروح
تظل هائمة تبكي وتنوح ، وتنعي ما تتكبده من عناء وجروح
وتحدثه نفسه أما للنسيان من طريق..؟؟
أيها القلب الرقيق..؟؟
أنسى ما كان فالنسيان خير سلوى أيها الرفيق
منقول