هل سيكون الخلاص بالقائمة المفتوحة ؟
بقلم : علي الميالي
لا يزال الحديث في الوسط البرلماني محتدما حول إقرار قانون الانتخابات الذي تم ترحيله الى المجلس السياسي الوطني .. ورغم ان عملية الترحيل تلك لا تتعدى حدود المماطلة والتسويف ، فان إقرار هذا القانون وفق صيغته الحالية سيكون موضع خلاف كبير بين الكتل والمكونات البرلمانية .
وقد عُرف البرلمان العراقي الحالي بإقراره القوانين ذات الصلة الخاصة وتلكؤه بالقرارات العامة والتي تمس مستقبل البلد ومصيره ، والكل يعلم ان محوري الخلاف في القانون الحالي هو وضع محافظة كركوك ونوع القائمة الانتخابية ، فوضع مدينة كركوك لابد من حصول توافق تام عليه كي لا يترك أثرا سلبيا على العلاقة بين مكونات أبناء المدينة ، وان يأخذ بنظر الاعتبار الحلول التوافقية التي صدرت من بعض الكتل النيابية والتي تمحورت في وجوب ان تكون هناك تنازلات من بعض الأطراف لكي يحصل الحل التوافقي بين الجميع .
أما مسالة القائمة ونوعيتها من حيث ان تكون مغلقة ام مفتوحة ، فإعلاميا جُل - ان لم يكن كل - الكتل والشخصيات السياسية التي ظهرت من خلال وسائل الإعلام قد نادت بمطالبتها بالقائمة المفتوحة ، فهنا ظاهرا لا توجد مشكلة أصلا ، فلماذا هذا الخلاف على نوعية القائمة ؟؟.
ان الخلاف يكشف على حجم الخداع المبيت للناخب العراقي من قبل ممثليه ، والنفاق السياسي المستخدم من قبلهم فيظهرون امراً ويبيتون اخرا ، لأنهم على علم ودراية بان العراقيين يرفضون القائمة المغلقة .
ان الرفض الشعبي الكبير والرفض المرجعي الذي أضاف سمة شرعية على ذلك الرفض أصبح دليلا واقعيا ملموسا على ضرورة إبعاد المفسدين والسراق المتسلطين على رقاب الأمة من الذين حصلوا على مناصبهم ومقاعدهم البرلمانية من خلال القائمة المغلقة في الانتخابات الماضية ، وتلك الضرورة تتأتى من خلال وجوب الوعي الشعبي التام لما يدور حوله وما يُبيّته السياسيون المنافقون .
إذن الغاية والمراد الحقيقي الواقعي للشعب العراقي وقيادته الدينية المرجعية هو إبعاد أولئك الفاسدين السراق عن المنصب والكرسي البرلماني في الانتخابات القادمة .
ان الذي لفت انتباهي وجعلني اذكر تلك الحقائق هو ما وقع في يدي هذا اليوم من استفتاء لمرجع ديني عراقي عُرف بوطنيته وإخلاصه للعراق وهو السيد محمود الصرخي ،حيث يوضح فيه للناخب العراقي الواعي ان حقيقة مراد المرجعية الدينية في النجف الاشرف من مطالبتها بالقائمة المفتوحة ليس من اجل ان تكون القائمة مفتوحة ، وليس هي الغاية او الهدف، بل ان تلك المطالبة قد اعتبرها السيد الصرخي كاشفا ومعرّفا عن المفسدين والخائنين والمنافقين والسراق الذين تسلقوا وتسلطوا على رقاب العراقيين بدعاوى وادعاءات باطلة وفاسدة كثيرة ومنها القائمة المغلقة .
الأمر الآخر الذي يعتبر روح الكلام والتفاتة رائعة لم تخطر ببال احد ،هو تساؤل السيد الصرخي في كلامه " هل سيتحقق الغرض والخلاص من هؤلاء المفسدين والخائنين بانتخاب غيرهم من نفس قوائمهم "؟
حيث أوضح السيد الصرخي انه حتى لو انتخب الناخب العراقي احد الأشخاص ممن يعتقد بوطنيته وإخلاصه من نفس تلك القوائم التي أفرزت الفاسدين والسراق فانه قد ساهم وشارك وبصورة واقعية وفعلية في ترشيح أولئك الفاسدين أنفسهم الذين تصدرت أسمائهم القوائم المفتوحة ، لان قانون الانتخابات الذي وضعوه هم انفسهم وحسب قانون المعدل الاقوى فانه يقسم المقاعد ويوزعها حسب النسب بين القوائم الكبيرة الفائزة .. وبهذا سيبقى نفس المفسدين والسارقين والخونة ، وسيبقى نفس الفساد والسرقة والظلم والمأساة والضياع للعراق وشعب العراق ، ويكون الناخب العراقي قد جنى على نفسه وأهله وعياله وعلى شعبه ووطنه مرة أخرى .
اذن لنتساءل .. ما الحل ؟ فالقائمة المغلقة او القائمة المفتوحة كلاهما تضمنان وجود المفسدين ، فإلى أين يتجه الناخب العراقي ؟؟..
وهنا الحل يكون بالابتعاد التام عن كل القوائم التي حوت وتحوي هؤلاء المفسدين والسراق والقتلة واصحاب المليشيات الحكومية وغير الحكومية الذين تشابكت ايديهم وتوافقت مصالحهم في قوائم وائتلافات مختلفة ، واختيار القوائم التي تضم الوطنيين المخلصين الذين عرفوا بوطنيتهم واخلاصهم للعراق وشعبه .
وان يتذكر الناخب العراقي جيدا ان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، فلا ننخدع بشعاراتهم واعلامهم وانتخاباتهم التمهيدية التي تكشف وتوضح نيتهم وسعيهم لإعتماد القائمة المغلقة ، فاختيار هؤلاء وقوائمهم هو جناية على النفس والغير وتكرارها جناية واشتراك في إبقاء الفساد وسفك الدماء والدمار والهلاك .